ناجى العلى..بقلم الكاتب/أكرم عبيد

ماذا نقول لضمير شعبنا الفلسطيني المقاوم
الفنان الكبير ناجي العلي اليوم في الذكرى الجريمة الثانية والثلاثين لاغتياله في لندن ..؟؟!
في الذكرى الثلاثين لاغتيال الفنان الفلسطيني الكبير الشهيد ناجي العلي ضمير الثورة والمقاومة الحي في فلسطين والوطن العربي لا يسعنا الا ان ننحني اجلالا وإكبارا لهذه القامة الوطنية والقومية الكبيرة المميزة الذي كرس جل عمله الفني الراقي المستوحى من صميم الواقع الاجتماعي والسياسي الفلسطيني والعربي لمحاكاة الحدث ما قبل الحدث لكن رصاصات الغدر والخيانة قطعت عليه سلسلة افكاره لترديه شهيدا بعدما ضاقت صدور البعض من القيادات الفلسطينية المتنفذة من رسوماته المعبرة كما ضاقت صدور اصدقائهم مجرمي الحرب الصهاينة وعملائهم الصغار من الانظمة العربية المتصهينة وفي مقدمتها النظام الوهابي التكفيري السعودي بهذه الرسومات الكاريكاتورية المعبرة التي كانت في تلك المرحلة بمستوى رصاصات الفدائيين الموجهة لجنود الاحتلال الصهيوني في فلسطين والاراضي العربية المحتلة .
لقد تميز الفنان الفلسطيني الكبير وتألق في مجال الفن التشكيلي الذي جسد من خلاله مدرسة بكل اركانها مخصصة في اصول النقد اللاذع الذي استند للفكر المقاوم الخلاق لطرح رؤية التغير السياسي السلمي المبكر من خلال اسلوب التكثيف المبسط بأبعاده الفكرية العميقة ليستوعبها اصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة وعموم ابناء الشارع الفلسطيني والعربي المقاوم من البسطاء .
ووفي هذا السياق لا ادري ماذا سنقول لشهيدنا الشاهد ناجي العلي بعد اغتياله في ال29 اب عام 1987  وخاصة بعدما اختطف البعض منظمة التحرير الفلسطينية من القيادات الفلسطينية المتنفذة ليوقع اتفاقيات اوسلو الخيانية ووثيقة الاعتراف بسلطات الاحتلال " كدولة " مزعومة على 78% من ارض فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948 وذبح انتفاضة الحجارة واغتيال الميثاق الوطني الفلسطيني في مجلس غزة اللاشرعي ؟؟ ماذا سنقول لك اليوم بعد تحويل الفدائيين الى موظفين وحراس للمستعمرات الصهيونية بموجب اتفاق التنسيق الامني وملاحقة الفدائيين وتسليمهم لسلطات الاحتلال الصهيوني وفي مقدمتهم مجموعة بيت صوريف والقائد الكبير احمد سعادات ورفاقه في سجن اريحا ؟ ماذا سنقول لك عن حصار قطاع غزة الصامد والاتفاقيات الاقتصادية الخيانية مع العدو الصهيوني المحتل وتصفيه كتائب شهداء الاقصى والمفاوضات العبثية منذ اكثر من ربع قرن ؟؟ ماذا سنقول لك ايها الشهيد الشاهد عن الانقسام الفلسطيني والاقتتال بين الاخوة وماذا .. وماذا .. وماذا عن التآمر على سورية حاضنة المقاومة والمقاومين وماذا سنقول عن المخيمات في سورية ولبنان التي تعيش حالة من الاستباحة من قبل العصابات الوهابية التكفيرية بعد علان الحرب الكونية الظالمة على سورية ام المقاومة والمقاومين .
 كثيرة هي الاسئلة في هذا الزمن العربي الرديء لكننا نطمئنك لترحاح في قبرك الغريب في بلاد الغربة ان عصر الهزائم ولى بفعل صمود وصلابة المقاومين الذين يحققون اليوم الانتصارات تلو الانتصارات التي ارعبت وترعب العدو الصهيوامريكي من جنوب لبنان المقاوم المحرر عام 2000 الى انتصار تموز عام 2006 وليس انتهاء بهزيمة المجرم شارون من غزة ووصول الصواريخ الفلسطينية العابرة من غزة المحرر عام 2005 الى ارضنا الفلسطينية المحتلة عام 1948 حيفا ويافا والقدس وتل ابيب والعفولة وغيرها وغيرها ..
 إننا اليوم وبعد تسع سنوات عجاف من اعلان الحرب الكونية على سورية الصامدة نبشرك ان سورية بجيشها وحلفائها في محور المقاومة والصمود يحققون الانتصارات تلو الانتصارات على تحالف الشر العربي وعصاباته الوهابية التكفيرية وعملائهم الصغار في المنطقة من الانظمة العربية المتصهينة بقيادة العدو الصهيوامريكي وهزمت الارهاب والإرهابيين وأسيادهم .
 إننا نبشرك بتربتك أن محور المقاومة اليوم اصبح قوة ومعادلة اقليمية ودولية ويتحدى بقوة العدو الصهيوامريكي وعملائه الصغار في المنطقة ولم ولن يستطيع احدا تجاهلها فنم ايها الشهيد الشاهد قرير العين هانيها لنبشرك ان سيد المقاومة والانتصارات حسن نصر الله اصبح يطلق التصريحات والتهديدات لمجرمي الحرب الصهاينة الذين يقفون اليوم على قدم واحدة ينتظرون رد المقاومة على عدوانهم على الاراضي اللبنانية كما ترعبهم الاجنحة العسكرية الفلسطينية الضاربة في قطاع غزة المقاوم وعمليات اخوانك الفدائيين في الضفة الغربية الباسلة والقدس الصامدة وصمود سورية والجمهورية الاسلامية صانعة نظرية الرعب المقاومة في مواجهة نظرية الردع الصهيوامريكية وكل طغاة الاستكبار العالمي .
اننا ايها الشهيد الشاهد على موعد من الانتصار الكبير على مجرمي الحرب الصهاينة المرعوبين من انتصارات محور المقاومة من  الموصل الى حلب وريف دمشق ودير الزور وتدمر والبادية وريف السويداء والقلمون وجرود عرسال وخانشيخون الى القدس الصامدة بوجهة الغزاة مجرمي العصر نعم اقترب اليوم الذي ستتحرر كل الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين من نهرها الى بحرها وسنعيد رفاتك لتوارى في القدس عاصمة فلسطين الابدية الى جانب كل شهدائنا الذين سيعودون معززين مكرمين الى ثرى الوطن مع ابناء شعبنا المشردين بعد التحرير واجتثاث الغدة السرطانية الصهيونية في ارضنا ليعم الامن والامان ربوع المنطقة كلها لنخلص شعبنا وامتنا والعالم من شرور هذا الاخطبوط الصهيوني المحتل .
ولد شهيدنا الشاهد ناجي العلي عام 1937 في قرية الشجرة التي تقع بين طبريا والناصرة لأسرة فلسطينية ذاقت مرارة الاحتلال والهجرات من مكان الى اخر حتى استقر بها المطاف في مخيم عين الحلوة في لبنان بعد نكبة عام 1948 منذ ذلك التاريخ لم يعرف الفتى الفلسطيني الاستقرار ابدا لكنه كان نشيطا ومقاوماً ولم يستكن للهجرة واحتلال الارض من قبل مجرمي الحرب الصهاينة بل بقي يتطلع لأرض الوطن ويحن اليها فكرس جل نشاطاته لمقاومة المحتل الصهيوني الذي اعتقله  وهو في مقتبل العمر ولم يستلم للجلاد الصهيوني بل تعمد تحويل جدران زنزانته الى لوحة رسم ليعبر عما يجول في مكنونات نفسه الابية ضد سلطات الاحتلال الصهيوني وعندما افرجت عنه سلطات الاحتلال الصهيوني لم يسلم من اعتقاله عند السلطات اللبنانية التي اعتقلته عدة مرات وحول جدران زنزانته الى لوحات ليعبر خلالها عن صدق انتمائه الوطني والقومي العربي في مرحلة كانت تتميز بوجود حركة القومين العرب آنذاك ولم ييأس ذلك الفتى الحيوي النشيط وعندما افرجت عنه السلطات اللبنانية توجه الى مدينة طرابلس شمال لبنان ليدرس في مدرسة مهنية وحصل على شهادة ميكانيك السيارات ليستعين بها على دنك الحياة وقسوتها ويعيل اسرته الفقيرة تزوج من صبية فلسطينية من بلدة صفورية الجليلية وانجب منها اربعة اولاد هم خالد واسامة وليال وجودي  وعندما استشهد غيلة وغدرا اعاد ابنه خالد انتاج رسوماته في عدة كتب جمعها من عدة مصادر كثيرة وتم ترجمتها لعدة لغات منها الانكليزية والفرنسية وغيرها .
وبالرغم من ذلك بقي فن الرسم الكاريكاتوري هاجسه ورفيق دربه الذي لا يفارقه حتى استشهاده وخلال هذه المسيرة الكفاحية المضنية تعرف على الكاتب والصحفي الفلسطيني الشهيد القائد غسان كنفاني رحمه الله وشاهد عدد من رسوماته التي اعجب بها ووعده بنشرها في مجلة الحرية واوفى بوعده ونشرها بالعدد 88 الصادر بتاريخ 25 ايلول عام 1961وكانت هذه البداية لميلاد فنه الشعبي الرائع المعبر .
 وفي عام 1963 سافر الى الكويت وعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا فعمل في صحيفة الطليعة وكذلك في صحيفة السياسة الكويتية ثم صحيفة السفير اللبنانية والقبس الكويتية والقبس الدولية وكان فنانا ناجحا بامتياز وفي سياق عمله الفني تعمد ابتداع شخصية مميزة اطلق عليها اسم حنظلة والتي تعتبر من اهم سمات الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصر بالرغم من اختزالها بحدود صبي لا يتجاوز العاشرة من عمره لكنه عايش تفاصيل امال وآلام شعبنا العربي الفلسطيني والعربي وأدار الظهر للجميع وظهرت هذه الشخصية المميزة مع نكسة حزيران عام 1967 لتمثل ضعف وهوان الانظمة العربية وهزيمتها امام العدو الصهيوني .
اما ظهورها بشكل عملي فقد ظهرت لأول مرة في جريدة السياسة الكويتية عام 1969 وبعد حرب تشرين عام 1973 ادار ظهره للجميع وعقد يديه خلف ظهره ومنذ ذلك الحين مثلت هذه الشخصية الفلسطينية المعبرة توقيع الفنان الفلسطيني الكبير على رسوماته التي نالت استحسان الجماهير الفلسطينية والعربية وخاصة انها كانت تمثل المواطن الفلسطيني المعذب في حله وترحاله الذي تميز بالقوة والصبر والتحمل رغم المصاعب والمشاكل التي اعترضت مسيرته الحياتية اينما كان والتي لم يستسلم لها ولم يهادن احدا او يخشاه
كان لدى ناجي شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسومه من اهمها شخصية المرأة الفلسطينية فاطمة التي ظهرت في العديد من رسومه وشخصية فاطمة هذه شخصية لا تهادن في مواقفها و رؤياها وكانت شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وطريقة حلها بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر حينا ويمتلك الارادة أحيانا في العديد من الكاريكاتيرات لكن رد فاطمة كان قاطعا وغاضبا .
مقابل هاتين الشخصيتين تقف شخصيتان أخرتان الأولى شخصية السمين ذي المؤخرة العارية والذي لا أقدام له (سوى مؤخرته) ممثلا به بعض القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة والخونة الانتهازيين وشخصية الجندي الصهيوني طويل الأنف المرتبك في أغلب الحالات أمام حجارة الأطفال لكنه الخبيث والشرير أمام القيادات الانتهازية.
لقد استثمر الشهيد ناجي العلي رسوماته بطريقة عبقرية ليوظفها في استعراض الاحداث ولكن بطريقة ناقدة جارحة ولاذعة ومضحكة مبكية في آن معاً
لقد اكتنف الغموض عملية اغتيال الشهيد ناجي العلي ويرجح ان عملاء الاستخبارات الصهيونية استثمرت انتقاداته لبعض القيادات الفلسطينية المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها ابو عمار وبعض الانظمة العربية المتصهينة مثل النظام الوهابي التكفيري السعودي لتصفيته في لندن وها هي الحكومة البريطانية اليوم وبعد ثلاثين عاما من اغتياله طرحت فتح ملف الاغتيال من جديد مما رعب بعض الشخصيات الصهيونية وخاصة ان جريدة "  يديعوت احرونوت " الصهيونية نشرت بعد سنوات عدة قائمة بعمليات اغتيال ناجحة ارتكبها الموساد في الماضي وتم ذكر اسم ناجي العلي في القائمة الثانية وهذا ما اكدته صحيفة الاتحاد الحيفاوية في ملحقها الأسبوعي الصادر بتاريخ 1 ايلول عام 2000 في مقالة للكاتب الفلسطيني بشير شلش بعنوان " ناجي العلي الغزال الذي جف دمه " لكن الكاتب لم يتمكن من ارفاق مقالته بتقرير صحيفة " يديعوت احرنوت الصهيونية " الذي سحب من التداول على ما يبدو . .
akramobeid@hotmail.com

تعليقات