النص التشكيلى ..مقال قديم حديث/بقلم الكاتبة والناقدة/ميلوا عبيد

مقال قديم حديث

مرفق بالحوار الذي دار بيني وبين الدكتور د. السيد الحلواني الامين العام لرابطة مثقفي الشعوب العربية على صفحات الرابطة  له مني كل التقدير والاحترام
المقال
. - في نصوصه التشكيلية كان :
للكلمة اعتبارات أخرى غير تلك الظاهرة و المستخدمة للتعبير الإنشائي عن فكرة أو موضوع ما ، للكلمة وجود زماني ومكاني وعلى هاتين الركيزتين يستند فكر الكاتب في بناء النص الأدبي ،بحيث يرى أنه يمكن تجسيد النص بعصر ثقافي معين لكن التعبير عنه لا يكون من خلال مكونات تتماشى و تتناسب وثقافة العصر القائمة وحسب ، بل من خلال تحويل النص ذاته إلى (مبدأ للوحي) ودليل حي للحظة يقين تكاد تتحجر ، مبدأ يفكك ويفجر الكلمة ويبدل تركيبها ، يعيد لنا خلق هذه الثقافة وهذه اللحظة بحلة جديدة فنحصل على تثاقف يكون أساسا لولادة (وعيفكرية) متجددة .
علينا أن ندرك أن مقتضيات هذا التثاقف لا بد لها من حامل نجابه به عصمة التخلف والركود الفكري . هنا برز نوع جديد محدث من النصوص راح يعمل عليها بعض الأدباء لتطويرها ، لكن ولتمكن التخلف وتمدده على الوعي الجمعي غدتْ المهمة صعبة جدا تراجع البعض واستسلمَ البعض الآخر من الأدباء بينما بقي قلة قليلة (ممن داعبتهم الفجيعة والخذلان ) مصرة على إمكانية النهوض والبدء .
- وعى (هؤلاء القلة ) على حقيقةِ إن كل ما يعيشه الشرق العربي المعاصر على كافة الساحات /ثقافية .علمية. دينية. اجتماعية . سياسية ..../ من تعصب وتعنت وانفرادية و أصولية وانفعالية وعاطفية إنما هو يدل على مأزق عقل ،مأزق العقل الشرقي العربي وهو وليده ومسببه في نفس الوقت ، في تفاعل بين السبب والنتيجة ، فالفكر عندنا / العربي / حذر جدا حد القيد تجاه العقل حتى أنه يخافه لا بل يخاف جذريته وقدرته على الشك / المولد الحقيقي لليقين / وقوته وقدرته الناكشة الناقدة للقناعات المتوارثة جيل عن جيل ، وأنه وأمام هذا الواقع ظهر موقفان مضادان عاشهما ويعيشهما فكرنا العربي :                           
1- عدم الاعتراف بهذا النقص الفادح حد الجفاف لا بل الوهم أن الفكر العربي هو أليف العقل وأبو الفلسفة وعراب الثقافة والعلوم وأنه صب كل هذه الذخيرة وخلقها وأطرها وان كل شيء تم واكتمل منذ زمن / الماضي / وأنه لم يعد هناك من جديد .
2- موقف خاضع خضوع سلبي اما خوف أو كسل .
وتجاه هذين المهربين من عين الصواب والحقيقة رأى (كاتب النص التشكيلي) أنه على الأديب /المتزمت/ العربي أن يتعظ من تجارب الغير في استخدام العقل ويرى كيف أن العالم تجاوزنا بأشوااااط حتى بتنا في آخر العداد .
فتح باب الحداثة النصية على مصراعيه حتى أن من تبنوه  اتهموا بالجنوح والتطرف الحدثاوي للغة النصية ، متناسين ان اللغة بالنسبة لهؤلاء هي مادة التفكير الأولى وأصل استجابته للمؤثر الخارجي المحيطي.......
---------------------------------------------------------------
                                                 ميلو عبيد / سوريا

تحياتى أستاذة ميلو عبيد. أنا لن أداعب نقض فكرك . ما يحدث للنص التشكيلى الآن فقط أقول لك (أجدتى)حقيقة انا متفاجئ ومندهش لما وقع بين يدى من عمود من الكلمات الغير متراصة ولا تبين أنها مصفوفة لتظهر بنسق إما أن المتلقىن يحملون اللحن فيطرب عيونهم وتلهوا به قرائنهم.أويؤخذونه إلى هوة جدلية لا منتهى لها. إنما تكلمتى عن موقفنا من الحداثة كعرب يدعون أنهم اصحاب المنطوق اللغوى والفكر الصوتى بإستخدام اللفظة العربية لتعالجى واقع ثقافى إختلطت فيه عدة أفكار لا تنطبق على واقعنا الأصيل من خلال مخاطبتك النقديةالعميقة.. سيدتى الحداثة عند الغرب لم يكن لها منحى متفق عليه ولذا ترك الفضاء رحبا للمتبتلين بنغم النص فجأروا بأعلى الأصوات ولا راد لهم وكل غرد فى سربه لا تحكمهم جهوية متفق عليها ولم يتصرم لدى كل منهم مضمون الوازع الوقتى وإن لم يرتبطوا به إلا أنه فى الأخير المجتمع الثقافى الغربى له متطلباته الخدمية للعقل والمنطق ولم يكن المجتمع بصانع المختبرات للمثقفين . إلا ان مثقفيهم شرحوا المعانِ وأخرجوا النواة والنوية فى غرفهم المعقمة من الجهالة والعصبية والتزمت الخانق السام .فعالجوا نصوصهم التشكيلية بسباق السنون الضوئية
فلم بخرجوا بالحداثة قوالب ولا اصنام ولكن صنعوا وشكلوا من اللفظة حياة تخدم الحياة وتعدل من عمق السلوك الإنسانى ولذا فإختارت المجتمعات الغربية من الحداثة والثقافة ما بين الواقع الحديث والواقع الأحدث بما لايخالف الضمير الجمعى.فسبقونا بلا قياس للمدى.
بينما نحن لازلنا لم نصل لفهم الجاهلية الأولى وأتحدى معظم المثقفون العرب أنهم لازالو يتخبطون ويتحسسون مبادئ وقيم الأصالة المطلقة من اقداس معاجم البادية الأولى التى إرتقت قبل وأثناء الأديان لأنهم كانوا يعلمون قيمة اللحظة ولاين الوقت الفائت بينما نحن تركنا الثقافة الموروثة ولم نصل لمبتغاها ولم نشتغل بالحداثة وأنشغلنا بثقافة مصنوعة إلينا وأهديت إلينا من اصحاب الحداثة . ولكن ثقافتنا باتت عند البعض ثقافة إستعلاء  وثقافة الزيت وثقافة التشرزم والفرقة بإسم الشرائع .
تحياتى لفهمك العميق ودراستك المستفيضة .
والآن عرفتك من حرفك كما قلتى.
وأقول لك كما قلت لك آنفا أحترم فيك الإنسانية أيها الأنسان.
تقبلى كامل الود وإعزازى الكبير .
والسلام.
د/السيد الحلوانى
الأمين العام لرابطة مثقفى الشعوب العربية.

بداية : الف الف شكر د.السيد  لهذا الحضور الراقي
واسم لي بالوقوف على ما تفضلت به واتمنى ان تصحح لي أن كنت قد فهمتك خطأ
تقول ( حقيقة انا متفاجئ ومندهش لما وقع بين يدى من عمود من الكلمات الغير متراصة ولا تبين أنها مصفوفة لتظهر بنسق اما المتلقى يحمل اللحن فيطرب عيونهم وتلهوا به قرائنهم.) اظنك قصدت النص التشكيلي الذي اتكلم عنه لئلا يحسب البعض انك تقصد المقال  ، ما أريد قوله بمكان ما معك حق فليس كل من كتب النص التشكيلي اجاده وهم قلة قليلة جدا جدا لذلك استخدمت / الهاء/ العائدة لمفرد وهذا المفرد يمثل حالة فردية اجادت النص التشكيلي وابحرت به وهنا لن اغوص بالدلالات فهذا موضوع آخر
السؤال لما لم نفلح كفكر عربي بالنصوص الحدثاوية أو التشكيلية على وجه الخصوص؟
النصوص التشكيلية ليست صنعة أو مهنة أو حرفة يتعلمها الفرد (كما كل الأدب الحقيقي طبعا ) وإنما هو يعتمد أولا على الشعورية( المتضهدة ) لدى الفرد أو الكاتب و الصراعات كثيرة في منطقتنا العربية وبالتالي هي مساعد لنشوء هكذا نمط أدبي ولتميز المنطقة بالسلوك القمعي راح الكاتب (وليسى أي كاتب اقول فقط ذاك الذي واقعته الفجيعة ) راح يتوارى بالاشارات والانزياحات لينجب جنينا أدبيا جميلا جدا ساهم إلى حد ما بتحريض الفهم القرائي لاحقا ....
وهنا نستطيع أن نقول أنه تميز عن الأدب المقعد / من قواعد أو المفرهد أي أنه سخر اللغة لشعوريته وليسى العكس / سخر شعوره للقواعد اللغوية ...اس انه أدرك أن قواعد اللغة شيء وأداء اللغة شيء آخر
- أما فيما يتعلق بضياع وتشرذم الفكر العربي أوافقك الرأي تماما وقد أشرت إلى ذلك
وكذلك بما يخص الغرب أيضا متفقون
حاولت الاختصار قدر الإمكان وإني اعتمد على الفهم القرائي لك وللاعزاء الأصدقاء بتلقف الفكرة والقصد
دكتور السيد اعاود شكري وامتناني لمداخلتك القيمة التي اغنت الموضوع /تقديري وجل اعتزازي

تعليقات