من أين لك هذا اللبن با أم معبد.. بقلم الكاتب /أحمد شديفات


كلنا يعلم ما كانت عليه حال أم معبد من فقر وعوز وحاجة وفاقة في صحراء منقطة ملتهبة الحرارة وكان هذا المرور المبارك على غير ميعاد، وما في الخيمة إلا أم معبد وحدها، وزوجها يرعى أعنز لهما.         
فنزل بها ركب النبي وصحبه "فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا  لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ،وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ " قد نفذ الماء والزاد من عند أم معبد ونزلت بهم سنين عجاف ...
إذن هذه الخيمة في قلب الصحراء محطة تزويد على طريق مكة والمدينة على الرغم من القلة.
وبعد تأدية واجِبُ الضيافة من أم معبد أرتحل الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان مَقْدَمه خير وبركة على مرابعها. 
" فَقَلَّ :- لم أعثر على معنى لها، أرى هو ما تركه لهم الرسول من لبن مبارك كثير، وقامت أم معبد على رفعه وفي هذا الأثناء قدم ابو معبد خيمتها. "مَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَهَا زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ,،،أي ما لبثت أن تنتهي من واجب الضيافة للرسول الكريم ، حتى قدم زوجها للتو ابو معبد من لب صحراء شهباء .
 يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا ،،،،- أعنزا عجافا - هزيلات لا لحم ولا شحم صورة وخيال دليل القحط والجذب. فما هن بأحسن حال من شياه الخيمة...
- يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا...يتمايلن  الأعنز ببطء حركة من  الضعف والهُزِلَ  والعجز...                                        - مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ...ضعف عام ظاهر حالهن من سوء جذب ومرعى...
فإذا كانت هذه صفات أعنز أبا معبد من الضعف والهزال التي يرعاها فكيف بالشاة العاقبة بدون مرعى ولا علف التي  حلبها صلى الله عليه وسلم؟
إذن يحق لأبي معبد أن يستغرب أن وجد لبنا لم يعهده أو يتوقعه من شويهات أقعدهن الضعف عن المشي للمرعى، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ أَعْجَبَهُ فهو على جوع وحاجة له في أرض خالية دوية .. ومن لا يعجبه ذلك اللبن المبارك لم يكن  يتوقعه أن يكون موجودا إلا بأمر الله المعبود..
فقَالَ ابو معبد:- مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ.. استفهام واستغراب وتعجب وسؤال موجه منه لأم معبد طالما الشاة لا تنبض بقطرة لبن ولا تذهب مرعى فمن أين هذا كله الخير.... وهو يعرف الشَّاءُ عَازِبٌ حَائِلٌ، وَلَا حلوبَ فِي الْبَيْتِ؟                               
فقالت أم معبد وأنا أستغرب مثلك أن الشاة لا ولد لها وعازب حائل...وغير حامل وقد مر عليها حول دون ولادة وعادة اللبن يكون على أثر الحمل والولادة والشاة عاجزة، فكيف تحلب من كانت هذه صفاتها؟     
السر ما رأت أم معبد :- قالت -لَا وَاللَّهِ...ما هو الذي تتصوره أو تتوقعه من تلك الشويهات العواجز....
 جواب أم معبد على سؤال ابو معبد قالت ---إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ...
فأرْبَعَت الشاة ببركته وتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ ، فَاجْتَرَّتْ فَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطُ فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ...خيرات طيبات متتاليات إذن شويهاتهم هن هن ما جرى عليهن في حالهن المعهودة في شيئا،         وحقيقة هو بسبب مرور هذا الرجل بديارنا...وليس أي رجل...إنما رجل مبارك ترافقه البركة والتكريم  من خلال متابعتي ومشاهدتي لما حصل على يديه... وهو دليل العناية الربانية بصاحب الهجرة النبوية الذي تحفه الرعاية الربانية{إلا تنصروه فقد نصره الله...}.
من خلال هذه الأخبار والأفعال المرئية والمسموعة وحديث أم معبد لزوجها وقولها--- مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا---      وقد رأى آثار النعمة ماثلة بين ناظريه وكله أُذُن صاغيه بلهفة وشوق أن يرى صاحب تلك النعم أو على القليل يعرف بعض من صفاته...
 فقَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ..."
هذه فائدة لنا ولغيرنا في معرفة صفاته وشمائله وحركاته صلى الله عليه وسلم وطيبة أخلاقه الحميدة
 وقد جاءت أم معبد بوصف وضعت فيه كافة نقوش الأدب الوصفي الذي يعجز عنه أهل البيان....
وأن كنت أيها الكريم بشوق فأنتظر تصف  تلك الأوصاف والصفات عذبة من أم معبد وإلى لقاء معها إن شاء الله...

تعليقات