النبيذُ المجنون ....بقلم الشاعر إحسان الخوري

 


النبيذُ المَجنون 

بقلم الشاعر د. إِحسَان الخورِي


هَذَا المَسَاءُ بَدَأَ يَسْتَفِيقُ 

يَعُومُ بَيْنَ أَصَابِعِي 

أَشْيَاؤُهُ تَتَسَاقَطُ  

وَتَطفَقُ بِتَقْبِيلِ أَشْجَارَ الصَّنَوْبَرِ 

الضَّوْءُ رَاحَ يَذُوبُ 

يَدْخُلُ سَرِيعاً إِلَى قُمْقُمِهِ 

فَيَتَكَاثَفُ المَسَاءُ فِي البَعِيدِ 

أُحَاوِلُ أَنْ أَفْتَحَ أَزْرَارَهُ 

مُتَوهِّماً بِتَخْزِينِ شَيْءٍ مِن الضَّوءِ 

أَتْرُكُ فِنْجَانَ قَهْوَتِي خَلْفَ النَّافِذَةِ 

بِجَانِبِهِ قِطعَةُ الشُّوكُولَاتَةِ وأَتَسَائَلُ 

هَلْ مَا زَالَت شَفَتَاكَِ هُنَاكَ 

فَتَتَرَاقَصُ نَظْرَاتي حَافِيَة 

إِنَّهُ طَيْفُكِ الضَّائِعُ مِنِّي آتٍ

تَرتَجِفُ خُطُوَاتُ النَّبْضِ عِنْدَي 

تَرتَبِكُ بَنَاتُ أفكاري  

يَغِيبُ نَظَرِي هُنَيْهَاتٍ عَنْ الوَعْيِ 

تَحْنِي ظَهْرَ عَيْنَيْكِ دلَالًا 

يُرَفْرِفُ بَعضُ النُّورِ فِي السَّمَاءِ 

إِنَّهَا النُّجُومُ تَبحَثُ عن الغِوايةِ 

عَشَرَاتُ اللَّهْفَةِ تُدَاهِمُنِي 

وَعَشَرَاتٌ مِنَ الرَّغْبَةِ تَخْرُجُ منِّي 

هُوَ طَيْفُكَ وَأرَاهُ أَنْتِ 

العِشْقُ يَكْتَنِزُ فِي شَفَتَيْكِ 

كُلُّ حُرُوفِ العِشْقِ عَلَيْهِمَا تترأى 

وَعَلَى شَفَتِي سَكِينَةٌ وَاِنْدِهَاشُ 

رُبَّمَا أُصِيبَتْ شَفَتِي بِنَشْوَةٍ الوَجد 

وَظَنَّتْ أَنَّ حُضُورَكِ مِن المُحَالِ

أَو هُنَاكَ تَزَاحُمٌ فِي طَرِيقِ الفُؤَادِ 

التَّفَاصِيلُ بَاذِخَةٌ وأُنُوثَتُكَ تَفِيضُ 

عَيْنَاي تَطوفُ فِي الصُّعُودِ وَالهُبُوطِ 

يَتَدَفَّقُ المُتَاحُ مِن التَّنهيدِ 

أَصَابِعِي تَتَلَمَّسُ وَجنَتَيْكِ 

قُبْلَةٌ مَجنُونَةٌ طَفقَتْ بِكَِ تَتَحَرَّشُ 

رُبَّمَا تُرِيدُ أَنْ تَحكِيَ رِوَايَتَهَا 

فَتَصنَعُ بَاقِي القُبَلِ أَلْفُ عُذْرٍ 

لِهَزْمِ الكثير من جُوعِ الغِيَابِ 

فَيُلْهِيهَا الجَسَدُ بِعَدَدِ الشَّامَاتِ 

تَتُوهُ بَيْنَ الذَّاكِرَةِ والجُّنوحِ 

تَصُبُّهَا عَلَى أُوَّلِ الأَشْيَاءِ المُعَتَّقَةِ 

تُوَرِّطُ شَامَةَ خَصرِكَ بِقُبْلَتَيْنِ 

وَتَهرولُ لِتَعُودَ إِلَى الجِّيدِ 

مَا أَطوَل المَسَافَةِ بَيْنَ السُّرَّةِ وَالجِيدِ 

هَلْ هُنَاكَ اِخْتِلَالٌ فِي الأَوْلَوِيَّاتِ 

مَا دَخْلُ النَّبِيذُ المَجنُونُ بِشَفَتَيْكِ

وَمَا دَخْلُ هَذَيانُ الانْفَاسِ بِهما 

تَقُولُ العَرَّافَةُ لَا تَقْتَرِب مِنهما

هُمَا مَعبَرُ الْجَانِّ والمَوانِيءُ المُهْلِكَةُ  

يَتَضَاعَفُ اللَّهَبُ فِي الاروِقَةِ البَارِدَةِ 

أُطْلِقُ سَرَاحَ كلّ نظراتي الباقيةِ

تُخَبِّئِينَ سَبَايَا القُبَلِ 

فتَعُودُ إِحدَى القُبَلِ لِلتَّفَقُّدِ 

هَلْ كُلُّ شَيْءٍ فِي مَكَانِهِ المَعْهُودِ 

تَتَمَزَّقُ حَوَاسُّ اللَّيْلِ 

أَغْمِزُ لِلوَقْتِ المُتَبَقِّي

هَلْ الفَجرُ مُؤَجَّلٌ أوعَلَى فَرْقِ دَرجَتَيْنِ 

ولَا فِكْرَةً لَهُ سِوَى شَقْشَقَةِ الاشْيَاءِ 

تَقُولُ الاسَاطِيرُ 

الضَّوْءُ سيَمحُو كُلَّ تَوَاجُدِ الأَطيَافِ

.................................

تحياتنا للشاعر /الموقع الإعلامي للهيئة الدولية للمثقفين العرب في العالم

مسؤول التوثيق الشاعرة هيفاء علي خدام

الأمين العام

د.السيد الحلواني 

تعليقات