اعادة قراءة التاريخ ....بقلم الكاتب السيد هاشم

 .


. إعادة قراءة التاريخ بإستخدام الدبلوماسية الروحية الجديدة تمهيداً لهيمنة اليهود على الخريطة العربية و ما وراءها .. كيف نواجهها 

بمنطق القوة .. أم بقوة المنطق ؟

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,


.. عندما نكتب فى هذا الشأن نفضل أن نُغَلِّب التناول الثقافى والإكتفاء بالإشارات السياسية عند الطرح ذلك أنَّ الثقافة متاحة للشعوب وهم الورثة الحقيقيون لها بينما السياسة ممارسة رسمية يكتنفها الغموض تارة والضغوط تارة أخرى و هى متغيرة لاتستطيع التكهن بما تُسفر عنه فى مرحلة ما بينما الثقافة مادة متاحة للبحث و هى تؤثر فى القرار السياسى ولا تتأثر به إلا فى حدود ما يترتب عليه من نتائج تثبت على الأرض و تكون جزءً من التاريخ ..

* و ما يدفعنا إلى شق عباب هذا الموج العاتى الذى يتلاعب بالسفينة العربية تلك المقولة :

" إن الضلالات التى يقودنا إليها السكوت أخطر من تلك التى يقودنا إليها الجهل "

أيضاً معالجة القديس ( نيفارى ) المصرى فى القرن العاشر الميلادى لأسرار عميقة فى التاريخ يصعب سبر أغوارها معبراً عن ذلك على هذا النحو :

" إن سطح البحر صفاءٌ و شفافية يعمينا تلألؤه فأما أعماق البحار فهى مُظلمةٌ لا تُخترق و بين السطح و الأعماق تسبح أسماك ضخمة ينبغى أن نتحاشاها "

و أخيراً فإنّ أهم ما يميز الفكر السياسى عدم إهمال الآراء و النظريات و التصورات الصادرة عن الفلاسفة على مر العصور كركائز للإنطلاق نحو أفكار جديدة .. ومع ذلك قد تنشأ نظريات سياسية لا تأخذ فى الإعتبار عنصرى الزمان و المكان و تسعى إلى إيجاد أحكام واضحة تجمع بين المناهج التجريبية و الواقع المعاش على الأرض .

* و قد اضطلعت المدارس الفكرية الكبرى فى العالم بمسؤولية التمهيد للأحداث الكبرى بإحداث الصدمات الفكرية ونشرها و ترديدها حتى تتقبلها العقول المُخاطَبة بها .

.. هذا التقديم كان ضرورياً لفهم ما تروج له اليهودية العالمية كمشروع " الولايات المتحدة الإبراهيمية " نسبة إلى نبى الله إبراهيم .. و يرتكز المشروع على تتبع مسارات الأنبياء أولاد إبراهيم و رسم خريطة بالمسارات تحدد عليها الموارد الطبيعية التى تحتاج لتكنولوجيا متقدمة لتحقيق عائد اقتصادى يرفع مستوى المعيشة للمقيمين على هذه الأراضى بعد إعادة توطين هذه الأراضى بإعادة السكان الأصليين إليها .. هذا فى إطار من إعادة قراءة التاريخ بشكل يخدم سيادة و تفوق اليهود تاريخيا و حضاريا فى المنطقة و لن أسترسل فى ذلك و يمكنكم الرجوع إلى إصدارات ولقاءات د.هبة جمال الدين فى هذا الشأن .. ما يعنينى كيف نواجه هذا المخطط التى تتضمنه صفقة القرن وعرابها جاريد كوشنر ..

** دعونا نتفق أن اليهود يحاولون دائما إثبات أن لهم حضارتهم و تاريخهم ولغتهم الخاصة و سنحاول من خلال هذا الطرح تفنيد هذه المحاولات :

- يقول بيير روسى فى كتابه "تاريخ العرب الحقيقى" ترجمة فريد جحا : ( إن النص العبرى للتوراة اليهودية لم يثبت إلا فى وقت متأخر جدا بين القرنين التاسع والعاشر الميلاديين من قبل علماء مدرسة طبرية الماسوريين الذين استعملوا أربعة مصادر هى النص الإغريقى السبعينى - و ترجمة القديس جيروم اللاتينية - و النص الآرامى - و أخيرا العناصر السريانية )

- و فى مقدمة الترجمة يقول فريد جحا : " على الرغم من مساعى يهوديو القرن العشرين للتنقيب أسفل الأقصى ليعثروا على حجر أو قطعة خشب من بقايا معبد سليمان فلم يصلوا إلى شئ على الرغم من انقضاء وقت طويل و على الرغم مما بذلوا من جهود .. فالمسجد الأقصى يضم مسجد الصخرة و المسجد الأقصى وهما مسجدان عربيان إسلاميان لا يرمزان إلى القدس الإسلامية فحسب بل و إلى تاريخها الكنعانى القديم "

- و قد تندهش لما كتبه إرنست رينان فى " تاريخ اللغات السامية" من أن الآريين والساميين لم يعرفوا أبدا بفضل حالة خاصة (المرحلة الوحشية) وأنهم وجدوا أنفسهم دفعة واحدة محمولين إلى أعلى مستويات الثقافة ؟ فما أشبههم إذاً بمنيرفا المولودة مسلحة من عقل جوبيتر وكيف نحمل على محمل الجد تصريحات مثل هذه :"إن الآشوريين كانوا بالتأكيد ساميين أما الكلدانيون فمن المسحيل معرفة من هم ومن أين أتوا ؟ إنه تأكيد يكتمل فى الحال بمثل هذا التأكيد : " وشكّل الكلدانيون والآشوريون - بصورة سريعة - حضارة مشتركة سميت الحضارة الآشورية البابلية "

فما هو فى هذه الحضارة القسم السامى والقسم غير السامى ؟

- و لإهتمامى بالتحليل السياسى فإنى مقتنع تماماً أن شيئاً ما يحدث فى الخفاء وأن المُعلن المنظور ليس بالضرورة مطابقاً للخفى المستور .. فالعالم الظاهر يقابله عالم السر والخفاء الذى تديره الماسونية العالمية ومن خلاله تتمكن الحركة اليهودية من إحلال خريطة الوجود المزيفة فى عقول المفكرين العرب الذين آمنوا بأن العلم والمعرفة هداية من الشيطان (لوسيفر) متجاهلين أن العلم والمعرفة هبة من الله عز وجل طبقا لخريطة الوجود الإلهى (خريطة الوجود الحقيقى)

- ذلك يجعلنا ندرك أن العالم لا يحركه الإقتصاد والسياسة فقط إنما يتحرك العالم من خلال خلال الترويج لمعتقدات وأفكار دينية .. وهذا يفسر بوضوح دوافع روبرت باكلورد ( عالم دين أكاديمى ) ليكتب كتابه " من كتب الكتاب المقدس ؟Who Wrote? the Bible فحسب باكلورد : فى عام ٣١٢ م اعتنق قسطنطين ملك الرومان المسيحية وكلّف بإعادة صياغة ٥٠ إنجيل موجود فى حينه إلى ٤ أناجيل وقام بإعتماد ما يُكتب و ما لا يُكتب وفقاً لمصالح لمصالح الإمبراطورية ..

و هذا يدفع الباحث للتساؤل : هل المحذوف جزء من ثقافة مُظلمة ؟ أم أن شيئا أرادت السلطة ألّا يعرفه أحد ؟ و هل الصياغة الجديدة من وازع ضمير الإمبراطور أم أن أمراً ما أجبره على ذلك ؟

واقعة أخرى طبقا للسيد باكلورد: لفافة من البردى اكتشفت فى أخميم من توابع أسيوط المصرية فى القرن الخامس الميلادى تتحدث عن القرن الثانى الميلادى يُحتمل أنها سُرقت من قبر ثم ظهرت فى سوق للآثار بالقاهرة اشتراها دارس المانى عام ١٨٩٦ ونُقلت إلى برلين .. هنا يتساءل باكلورد عن سر عدم ضم هذه الوثيقة للكتاب المقدس ؟ ويجيب عن تساؤله : لأن النسخة لم تُكتب تحت اسم بطرس أو توماس أو يوحنا و لكنها بإسم مريم المجدلية لهذا السبب رفضتها الكنيسة و كانت مريم امرأة يهودية من مجدلا و كانت شاهدة على قيامة المسيح ..

- اليهود إذاً هم مُحركو الصراع الدينى حتى قبل ظهور الإسلام انتصاراً لسيادة اليهودية على سائر الأديان و على هذا الطريق ابتكروا مصطلح "تجديد الخطاب الدينى" لتبرئة اليهود من دم السيد المسيح .. ويمكن للقارئ مراجعة كتاب "المساومة الكبرى" للدكتورة زينب عبدالعزيز حيث أسقط المجمع الفاتيكانى الثانى عام ١٩٦٥ تلك التهم التى أحصاها ميشيل أونفراى فى الآتى :

٤٠ اتهاما فى إنجيل ماركوس

٨٠ اتهاما فى إنجيل متى

١٣٠ اتهاما فى إنجيل يوحنا

١٤٠ اتهاما فى أعمال الرسل

** و إيماناً منا أن السياسة ليس لها ثوابت و إنما طبيعتها التغيير فخير لنا أن نقرب أعداءنا باتباع سياسة الباب المفتوح إختصاراً للوقت و الجهد مع الأخذ فى الإعتبار أن أى قضية قابلة للتفاوض بمعيار الأخذ و الرد أو بلغة التجارة المكسب و الخسارة و بلغة السياسة امتيازات و تنازلات أى تحقيق نوع من التوافق compromise هذا على الجانب الرسمى ..

** أما الشعوب فليست مجبرة على قبول ما يخالف ثقافتها و اقتناعها الحضارى و المثل الأوضح فى هذا الشأن عندما أرادت وكالة الأونروا تعديل مناهج الطلاب الفلسطينيين بتغيير (القدس عاصمة فلسطين) إلى مسمى (المدينة الإبراهيمية) لم يقبل الشعب الفلسطينى بذلك وبقيت على حالها القدس عاصمة فلسطين ..

.. خلاصة الأمر إذا كان اليهود يعتقدون فى الهيمنة بإتباع سلام روحانى مفتعل فأنا أرى أن السلام هو الحبل الذى يشنقون به أنفسهم أمام الوعى الشعوبى العربى .

بقلم : السيد هاشم

        باحث فى العلوم السياسية 

........................................

تحياتنا للكاتب /الموقع الإعلامي للهيئة الدولية للمثقفين العرب في العالم

مسؤول التوثيق الشاعرة هيفاء علي خدام

الأمين العام

د.السيد الحلواني 

تعليقات