أزمة السد الإثيوبي وتداعياتها على الأمن القومي العربي .....بقلم الباحث السيد هاشم

 


# أزمة السد الإثيوبى و تداعياتها على الأمن القومى العربى .. !

-------------------------------

  لعلَّ استقراءنا لتلك المقولة المنسوبة إلى هيرودوت ( مصر هبة النيل ) يعكسُ بجلاء أنها لم تكن مجرد خيال شاعر و لا أنها جاءت فى إطار أسلوبٍ أدبى رصين بفعل تأثير الحضارة المصرية القديمة على نفس القائل أو حتى بجاذبية جمال الصورة الذهنية عن النهر و الضفاف و النخيل عند شروق الشمس أو غروبها على الوادى .

  و لكن العالمين بالجغرافيا الوصفية أو السياسية أو الإقتصادية و التوزيع الديموجرافى للإنسان على الأرض وكذلك حركة التاريخ عبر الحقب الزمنية المتتالية يدركون تماماً أن مصر قد اكتسبت شخصية الدولة التى ميزتها عن غيرها من الدول من ذلك التآلف و الإنسجام بين نيلها و صحرائها و بحرها على الأبيض المتوسط و كأنها تطل برأسها على أوروبا بينما تمد زراعيها إلى المشرق و المغرب العربيين و حيث تقف بثباتٍ و شموخ بكلتا قدميها فى قلب إفريقيا السمراء ولاشك أن النهر قد أعطى لمصر مكانتها عبر العصور كحاضنة وملاذ لكل من يحتاج إليها من عربٍ و عجمٍ و إفرنج وهى العقدة التى تجمع أواصر الإرتباط العربى ..

  كل هذه الخصائص أثارت حفيظة أعداء مصر والعرب لفك هذه العقدة لينفرط عقد العرب و ليسهل إستباحة المقدرات العربية .

* وبالتطرق إلى أزمة السد الإثيوبى و الخلاف القائم بين دولة المنبع (إثيوبيا) و بين دولتى المصب (السودان و مصر) لا أظن أن العالم لا يرى ما يحدث و إنما التجاهل هو سيد الموقف مَثَلُ الشرطى الذى لا يتدخل لفضِّ الخلاف و لا ينتقل إلى الموقع إلا بعد حدوث الجريمة .. و إن كنتُ لا أُعَوِّلُ على الإتحاد الأوروبى و أمريكا فى حل هذه الأزمة فإنى فى الوقت نفسه أتطلعُ إلى التأييد العربى الكامل لمواقف مصر و السودان معاً ..

* و إذا كانت إثيوبيا بتعنتها و صلفها تثير التساؤلات عمَّن يوجهها و يقويها لتسير فى الطريق المرسوم لها فمن الضرورى أن تكون الرؤية واضحة لمن يتخذ القرار حتى يكون الفعل على قدر الحدث و بأقل الخسائر الممكنة .

** و بناءً على ما تقدم فلابد أن ننظر إلى المشهد من زاويتين الأولى الداخل الإثيوبى و الثانية الدول التى تستفيد من تنامى الأزمة و استمرارها ..

= الداخل الإثيوبى :

   -----------

قرأنا فى التراث العربى أن الناس على دين ملوكهم .. فهل الناس فى إثيوبيا على دين آبى أحمد ؟

فى ظنى أن تلك المقولة التراثية لا تصدُقُ مع المفاهيم الحداثية ناهيك عن التركيبة العرقية الإثيوبية و التى يُعمقها الدستور الإثيوبى ذاته الذى ينص على أن إثيوبيا دولة فيدرالية من عدة ولايات يحق لأىٍ منها الإنفصال عن الدولة الفيدرالية بإرادتها .

  و حسب الموسوعة البريطانية فإن القوميات الإثيوبية تتكلم مائة لغة يمكن توصيفها فى أربع مجموعات لغوية هى السامية و الكوشية و الأومية وهى تنتمى إلى اللغات الأفروآسيوية و المجموعة الأخيرة هى النيلية و هى جزء من أسرة النيل الصحراء اللغوية .

  كما أن تعدد القوميات كالأورومو و الأمهرة و التيجراى و الصومالية و غيرها تحمل فى ضميرها انتقاص حقوقها أمام بعضها البعض مما يثير القلاقل بشكل دائم لا يبعث على الإستقرار .

= الدول الداعمة لموقف إثيوبيا :

   --------------------

  يمكننا تصنيف تلك المواقف حسب رؤية كلٍ منها و التوافق مع مصالحها و نرتبها حسب قوة الإرتباط بالأزمة فيما يلى :

١- أعداء مصر التوراتيون التى تتنبأ نصوصهم بجفاف مصر و هلاك الإنسان و الحيوان و النبات و تُمَنُّيهم بالعودة إلى مصر بعد خلوها من السكان و أولئك هم اليهود و تمثلهم إسرائيل .

٢- دول ترى إضعاف مصر إستراتيجيتها التى تسعى لتحقيقها لإستباحة ثروات العالم العربى و السيطرة على ممراته البحرية وهى أوروبا و أمريكا .

٣- دول لها نفس ظروف إثيوبيا الطبيعية مثل تركيا التى تجرى الأنهار من هضبتها فى الشمال إلى الجنوب عبر العراق و سوريا وتتطلع لإستخدام سابقة إثيوبيا علاوة على خسارتها أمام مصر فى ليبيا .

٤- الصين و روسيا اللتان تتمتعان بمصالح مباشرة مع إثيوبيا .. إضافة إلى التنافس القائم بين قناة السويس و خط الشمال عبر القطب الشمالى .

  مما تقدم نرى وضع كل هذه الإعتبارات فى معادلة اتخاذ القرار مستفيدين من تجاربنا السابقة دون الدخول فى مواجهة مباشرة لضمان تحييد المتربصين بالوطن العربى عامة و بمصر خاصة ..

# بقلم : السيد هاشم

باحث فى العلوم السياسية

...................

تحياتنا للباحث والكاتب /الموقع. الإعلامي للهيئة الدولية للمثقفين العرب في العالم

مسؤول التوثيق الشاعرة هيفاء علي خدام

الأمين العام

د.السيد الحلواني 

تعليقات